Thursday, November 29, 2018

ثلاث قصائد - آن كارسن




عن المشي إلى الخلف
كانت أمّي تمنعنا من المشي إلى الخلف. هكذا يمشى الموتى، كانت تقول. من أين أتت بهذه الفكرة؟ ربّما من ترجمةٍ رديئةٍ. فالموتى، في نهاية المطاف، لا يمشون إلى الخلف بل يمشون خلفنا. لا رئات لهم ويعجزون عن المناداة ولكنّهم يودّون لو نلتفت. هم ضحايا الحبّ، كثيرون منهم.

عن الموناليزا
كلَّ يومٍ كان يسكبُ سؤاله فيها، كما تسكبُ الماء من إناءٍ إلى آخر، فينسكب. لا تقل لي كان يرسم أمَّه، الشَّبقَ، إلخ. ثمّة لحظةٌ لا يكون فيها الماء في الإناء الأول أو الثاني يا لذلك الظَّمأ الذي كان، وكان هو يظنُّ أنّه سيُنهي عمله حين تَفْرُغُ الكانڤاس تمامًا. ولكنّ النّساء قويّات. كانت تعرف الأواني، وتعرف الماء، وتعرف الظمأ الفاني.

عن المطر
كانَتْ أحلكَ من الزّيتون في الليلة التي غادرتُ فيها. وحينما كنتُ أركض قرب القصور، مُبتهجةً بشكل غريبٍ، بدأتْ تمطرُ. يا لتلك الفكرة، في نهاية الأمر هذه الأشكال الصغيرة! سأتوه حين أُحصيها. مَنْ أوّلُ مَنْ فكَّرَ بها؟ كيف وَصَفَها للآخرين؟ هناك على البحر تُمطر أيضًا. لا تهطل على أحد.




Share:

Friday, November 23, 2018

إكليل الحصاد

إهداء الترجمة: إلى بدور حسن

حينما ضَفَرْتَ إكليلَ الحصادِ
ورَّطْتَ الصّمتَ المُعتَّقَ الذي فيك
الذي في القمحِ الذي لا يصدأُ
بل يتّقدُ كلّما ضاقَ ثنيةً إثر أخرى
ليصبح إكليلًا مُميَّزًا،
عُقدةَ حُبٍّ معروضةً من قشّ.

اليدان اللتان هرمتا معانقتَيْن العكاكيز والخيزرانات
وأمسكتا بالمهاميز في عُمْرٍ من قتال الدّيكةِ
أصغتا لموهبتهما وعملتا بِعَزمٍ مُحْكَمٍ
إلى أن تحرّكتْ أصابعكَ بعفويّةٍ:
أُدرِكُه وألمسُه بأصابعي كما لو كان لوح برايل،
مُستخرِجًا من المحسوس ما لا يُقال،

ولو اختلستُ النَّظرَ في حلقاته الذّهبيّةِ
أرانا نمشي بين مُنحدرات سكّة الحديد
إلى مساءٍ من العشب الطويل والبرغش،
ودخانٍ أزرق يتصاعد، ومساكب ومحاريث عتيقة بين الأسيجة،
إعلان مزادٍ على جدارِ كوخٍ
وأنت تحمل إكليلَ حصادٍ في عُروة سُترتك،

وأنا مع سنّارة صيد، يغمرني الحنين أصلًا
لنشاط هذه المساءات الهائل، فيما عصاكَ
تلطمُ حوافَّ الأعشاب والشّجيرات
تهزم الزّمنَ، وتضرب، ولكن لا تُجفلُ
شيئًا: البلدةُ الأصليّة تلك
لا تزال معقودةَ اللّسانِ في القشِّ الذي تعقده يدكَ.

غايةُ الفنِّ هي السّلامُ
يمكن أن يكون شعار هذه الأداة الهشّة
التي علَّقْتُها على خزانتنا الخشبيّة
مثلَ مصيدةٍ فاغرةٍ
انسلّتْ منها روحُ الحنطةِ منذ قليلٍ
ولكنّها صُقلتْ بفعل مرورها فيها، وما تزال دافئةً.


 


Share:

Sunday, November 18, 2018

حقول آثنراي




-1-
عند سور سجن منعزل
سمعتُ فتاةً تنادي:
مايكل، لقد رحّلوكَ بعيدًا
لأنّك سرقتَ ذرة تريڤايلن
كي يعيش الصّغار إلى الصّباح.
والآن سفينةُ السّجن تنتظرك في الخليج.

هناك في الأسفل تجد حقول آثنراي
حيث راقبنا يومًا الطّيورَ الصّغيرة الحرّةَ تُحلّق.
كان حبُّنا [منقوشًا] على الجناح
كان لنا أحلامٌ وأغانٍ نردّدها
يا لهذه الوحدة في حقول آثنراي.

-2-
عند سور سجنٍ منعزل
سمعتُ شابًا ينادي:
لا شيء يُهمّ يا ميري حين تكونين حرّة،
ضدّ المجاعة والتّاج
تمرّدتُ فقمعوني
والآن يجب أن تربّي طفلنا بكرامة.

هناك في الأسفل تجد حقول آثنراي
حيث راقبنا يومًا الطّيورَ الصغيرة الحرّةَ تُحلّق.
كان حبُّنا [منقوشًا] على الجناح
كان لنا أحلامٌ وأغانٍ نردّدها
يا لهذه الوحدة في حقول آثنراي.

-3-
عند سور ميناءٍ منعزل
راقبتْ آخر نجمةٍ آفلةٍ
حينما اختفتْ سفينةُ السّجن مُبحرةً في الأفق
أكيدٌ أنّها ستنتظر وتأمل وتصلّي
لحبّها المسجون في خليج بوتني
يا لهذه الوحدة في حقول آثنراي.

هناك في الأسفل تجد حقول آثنراي
حيث راقبنا يومًا الطّيورَ الصغيرة الحرّةَ تُحلّق.
كان حبُّنا [منقوشًا] على الجناح
كان لنا أحلامٌ وأغانٍ نردّدها
يا لهذه الوحدة في حقول آثنراي.










Share:

Friday, November 16, 2018

إلى ريتا، مع حبّي


عُدْتِ إلى البيت من المدرسة
في حافلة خاصة
مليئة بناسٍ
يبدون مثلكِ
يحبّون مثلكِ
ولقيتني
للمرة الأولى
وأحببتني.
أنت تحبّين الجميع
كثيرًا بحيث لا يكون آمنًا
أن نترككِ تخرجين وحيدةً.
إحدى عشرة سنةً من الحبّ
والثّقة والوقت لكِ كي تُدركي
أنّه لا يجوز أن تواصلي حبّكِ هكذا.
ما لم يوقفكِ أحدٌ
ستحضنين كلّ شخص ترينه.
النّاس الطّبيعيّون لا يفعلون هذا.
بعض النّاس الطّبيعيّين قد يؤذونكِ
جدًا لأنّك تفعلين هذا.

الكسيحون لا يبدون ودودين
ولكنّكِ تحضنينهم.
قبّلتِ سكّيرًا في الحافلة
فانهار وبكى
وقال «لم يقبّلني أحد
طوال ثلاثين عامًا.
ولكنّكِ فعلتِ
لمستِ وجهي
بأصابعكِ وقلتِ
أحبّكَ.»

لن يكون العالم
مُهيَّأً لكِ أبدًا.
أسلوبكِ صحيح
والعالم لن يكون مُهيَّأً أبدًا. بوسعنا أن نتعلّم كلّ شيء
تحتاجين إلى معرفته
عبر مراقبتكِ
تذهبين إلى مدرستك الخاصة
في حافلتكِ الخاصة
المليئة بناسٍ
يبدون مثلكِ
ويحبّون مثلكِ
وليس آمنًا
أن نترككِ تخرجين وحيدةً.
إنْ لم تكوني أنتِ طبيعيّةً
ما من أملٍ كبيرٍ
لنا نحن البقيّة.



Share:

Wednesday, November 14, 2018

يبتغي أثواب السّماء


و. ب. ييتس

لو كانت أثوابُ السّماءِ المزركشةُ لي،
المشغولةُ من نورٍ ذهبيٍّ وفضيٍّ،
الأثوابُ الزّرقاءُ والشّاحبةُ والدّاكنةُ
المشغولةُ من اللّيلِ والضّياءِ والنّورِ،
كنتُ سأَفْرُدُ الأثوابَ تحت قدميكِ:
ولكن، لأنّي فقيرٌ، لا أملك إلا أحلامي؛
فَرَدْتُ أحلامي تحت قدميكِ؛
امشي برفقٍ لأنّكِ تطئين أحلامي.

Getty Images ©

Share:

Tuesday, November 13, 2018

جزيرة بحيرة إنِسْفْري



سأنهضُ وأذهبُ الآن، أذهب إلى إنِسْفْري.
كوخٌ صغيرٌ مبنيٌّ هناك، من صلصالٍ وقشٍّ مضفور.
سيكون لي هناك تسعة صفوف فاصولياء، وخليّة لعسل النّحل،
وسأعيش وحيدًا في فسحة الغابة التي تضجّ بالأزيز.

وسأنعُم ببعض السّكينة هناك، فالسّكينة تتقطّر ببطء،
تتقطّر من حُجُبِ الصّباح إلى حيث يغنّي الجُدجُد؛
منتصف الليل هناك ليس إلا بصيصًا، والظُّهر توهُّجٌ أرجوانيّ،
والمساء تغمره رفرفة الحسُّون.

سأنهض وأذهب الآن. لأنّني طوال الليل والنّهار
أسمع ارتطام مياه البحيرة بخفوت على الشّاطئ؛
حينما أقف في الطّريق، أو على الرّصيف الرماديّ،
أسمعه في أعماق أعماق قلبي.

Derek Speirs - The New York Times ©


Share: