Tuesday, January 8, 2019

مقطع من مسرحيّة رتشرد الثاني


الفصل الثالث، المشهد الثاني

رتشرد الثاني:

فلنتحدّثْ عن القبور، عن الدّيدان، وعن نُقوش الضّريح؛
فلنجعل التّرابَ ورقَتَنا وبعينين ممطرتين
فلنكتبْ الأسى على صدر الأرض،
فلنختر القيّمين على الوصايا ولنتحدّث عنها:
ولكن حتّى هذا فلا، إذ ما الذي بوسعنا أن نورثه
للأرض غير أجسادنا المنبوذة؟
فأراضينا، وحيواتنا، وكلّ شيءٍ صار مِلكًا لبولنگبروك،
وما من شيء يمكن لنا أن ندعوه مِلكنا سوى الموت
وذلك القالبَ الصّغيرَ من الأرضِ القاحلةِ
الذي سيكون عجينةً وسِترًا لعظامنا.
كرمى لله، فلنجلس على الأرض
ونقصّ حكايا حزينة عن موت الملوك؛
كيف خُلع بعضُهم؛ وذُبح بعضهم في الحرب،
وبعضهم أَضْنَتْهُ أشباحُ مَنْ خَلَعوهم؛  
بعضهم سمّمتهم زوجاتهم: وبعضهم قُتلوا وهم نيام؛
كلُّهم اغتيلوا: فداخل التّاج الأجوف
الذي يُطوِّق صدغَيْ الملك الفانيَيْن
يُبقي الموتُ حاشيتَه وهناك يجلس المهرّجُ،
يهزأ من مكانته ويبتسم ساخرًا من أبّهته،
سامحًا له بلحظةٍ، بمشهدٍ قصيرٍ،
يلعبُ فيه دور الملك، وأن يُخشى ويَقْتُلَ بالنّظرات،
غارسًا فيه الزّهوَّ والوهم الخدّاعَ،
بأنّ هذا الجسد الذي يُؤطِّر حياتنا،
نحاسٌ منيعٌ، وبعدما ينتهي مرحُه
يأتي في النّهاية وبدبُّوسٍ صغيرٍ
يخرق سور قلعته، ووداعًا أيُّها الملك!
أعيدوا ارتداء قبّعاتكم ولا تخدعوا اللحم والدّم
بتوقيرٍ مهيبٍ: انبذوا التّبجيل،
والتّقليد، والشّكليّات وتشريفات المراسم،
إذ حسبتموني شخصًا آخر طوال هذا الوقت:
فأنا أقتاتُ بالخبزِ مثلكم، أحسّ بالنّقص،
أذوق الأسى، وأحتاج إلى أصدقاء: وحين أكون عُرضةً لهذا،
كيف لكم أن تقولوا لي، إنّني ملك؟

Richard II (2003) Mark Rylance. © John Tramper
  







Share:

0 comments:

Post a Comment