Wednesday, November 18, 2020

صورٌ بلا إطار

 © يوسف عبدلكي
 

 

1

 

ثلاثة شبّانٍ وفتاة. يحتلّون طاولةً تجاور النّافذة المطلّة على الشّارع. ينهمك اثنان منهم في لعب الطاولة. تنشغل الفتاة بمداعبة وشاحها الصوفيّ فيما يشرق وجهُها بابتسامة رضا وهي تتابع رفيقهم الممسك بصحيفةٍ وهو يقرأ مقالةً بحماس تنتفض بفعله خصلات شعره المنسدلة على جبينه.

يأتي النّادل بفناجين القهوة.

نشرة أخبار على التلفزيون. أغنيةٌ تتردّد من إحدى الشّرفات القريبة. أناسٌ يتراكضون في الشّوارع كلّما دوّى صوت انفجار. ذبابٌ يحوم حول بقع الشاي والقهوة الملتصقة بغطاء الطاولة.

فجأةً، يقتحم شابٌّ المشهد. يحاور ذلك الممسك بالصحيفة وهو يعبث بشيءٍ في جيبه.

ينتشل مسدّسًا من معطفه.

وميضٌ خاطف،

وتغرق الصّحيفة في القهوة المنسكبة.

 

2

 

شابّان وفتاة. يحتلّون طاولةً تجاور النّافذة المطلّة على الشّارع. ينهمك الشابّان في لعب الطاولة، تنشغل الفتاة برسم مطرٍ على قصاصةٍ أمامها، وشبحُ ابتسامةٍ على شفتيها.

يأتي النّادل بفناجين القهوة.

نشرة أخبار على التلفزيون. أغنيةٌ تتردّد من إحدى الشّرفات القريبة. أناسٌ يتراكضون في الشّوارع كلّما دوّى صوت انفجار. ذبابٌ يحوم حول بقع الشاي والقهوة الملتصقة بغطاء الطاولة.

فجأةً، يقتحم شابٌّ المشهد. يتلاشى شبح الابتسامة من شفتَيْ الفتاة تاركةً فسحةً للرعب كي يحتلّ وجهها.

يجرّها الشاب من شعرها إلى خارج المقهى.

وميضٌ خاطف،

ويغرق المطر في القهوة المنسكبة.

 

3

 

شابّان. يحتلّان طاولةً تجاور النّافذة المطلّة على الشّارع. ينهمك أحدهما في رمي النّرد فيما ينشغل الآخر بمراقبة العابرين عبر النّافذة.

يأتي النّادل بفنجانَيْ قهوة.

نشرة أخبار على التلفزيون. أناسٌ يتراكضون في الشّوارع كلّما دوّى صوت انفجار. ما من ذباب أو أغنية.

فجأةً، تقتحم سيّارةٌ المشهد.

وميضٌ خاطف،

ويغرق حجر النّرد في بركةِ دماءٍ مختلطةٍ بالقهوة المنسكبة.

 

4

 

شابٌّ وحيد. يحتلّ سريرًا يجاور النّافذة المطلّة على الشّارع.

نشرة أخبار على التّلفزيون. صدًى لموّال بعيد يشوبه طنينٌ في أذنيه. أصوات انفجارات تدوّي في الشّوارع الخاوية. يتلمّس بكفَّيْه فراغًا كانت تحتلّه قدماه. يمسك بسكّين كانت في صحنٍ على طاولةٍ تجاور سريره. يمزّق شرايين معصمه ويتأمّل بصمتٍ شلّال الأحمر الذي يمتدّ بهدوءٍ في بياض السّرير.

يتلاشى صدى الموّال، ويبقى الطّنين.

وميضٌ خاطف،

وتغرق السكّين في بركة الدّماء على السّرير.

 

                                                                                                                                      تشرين الثاني/نوڨمبر 2010

 

* نالت جائزة «مسابقة المعهد الدنماركيّ في دمشق عام 2012»، وتُرجمت إلى الدنماركيّة ونُشرت باللغتين العربيّة والدنماركيّة في كتاب صفاء يوم جديد: أصوات عربيّة شابّة (2012).

 

 


Share:

0 comments:

Post a Comment